واحة الفكر والثقافة
>>
مقالات
دعوية :
تابع التربية الروحية في الإسلام
التوبة وسعة المغفرة الإلهية 2
قال تعالى ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثمّ يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ) النساء 17
وقال أيضا ً ( ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً ) النساء 110
وقال أيضاً ( ثم إنَّ ربك للذين عملوا السّوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إنَّ ربَّك من بعدها لغفور رحيم ) النحل 119
وقال أيضاً ( وإني لغفار لمن تاب و آمن وعمل صالحاً ثمَّ اهتدى ) طه 82
الذنب يسبب البعد عن الحضرة الإلهية , و التوبة تقَرب إلى الرحمن الرحيم لما فيها من ندم و إنابة إليه سبحانه فما أحلى المسارعة في الاستغفار , وتصحيح المسار , وتقديم الاعتذار للواحد القهار .
فإذا حلَّت بشائر المغفرة الإلهية عفا الله تعالى عن الذنب أو التقصير ضمن شروط أهمها :
1- أن يتخذ المذنب قراراً حازماً بالإقلاع عن الذنب وعدم العودة إليه .
2- أن ينهج المذنب طريق العمل الصحيح المثمر , ويكثر جهده من العبادات و عمل الخير , ويصلح الإفساد أو الضرر الناجم عن خطأه تجاه الغير , وإزالة آثار الخطأ سواء من صفحات قلوبنا أم صفحات قلوب الآخرين .
3- أن يتحلى بالإيمان الكامل و بأن مارسمه الله تعالى هو لخيره ولصالحه , وأن يجعل النور الإلهي قائده ودليله في مسيرة حياته .
هذه الشروط محصلتها التوبة الصادقة الصدوقة , إنها توبة حقيقية مثمرة , إنها توبة النفس التي يهزها الندم من الأعماق , فتتوب و تنيب وهي في فسحة من العمر و بحبوحة من الأمل , وأن الله تعالى يقبل توبة العبد مالم يغرغر كما ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلَّم الذي رواه الترمذي و الحاكم و أحمد بسند صحيح .
إذن التوبة هي تغيير لمسار حياتنا من الخطأ إلى الصواب , ويكون ذلك عن طريق الندم بالقلب , والاستغفار باللسان , وإقلاع الجوارح عن الذنوب , وإصلاح ما نجم من ضرر وإساءة للآخرين , ثم الاتِّجاه فكراً و قلباً نحو حضرة الله , والعمل على إصلاح أخطاء المجتمع و عيوبه بكل وسائل الحكمة والرفق واللين .
أما توبة المفلس الذي أحاطت به خطيئته , ولم يبق لديه القدرة على ارتكاب المزيد من الذنوب , ولا فسحة من العمر للانقياد للهوى فهي توبة ولدت ميتة لا رجاء منها و لا قبول لها إذ لا يمكن أن تنشئ في القلب ندماً بعد أن توقفت نبضاته , أو في الحياة تبدلاً بعد أن انتهى أجلها .
لقد خلقنا الله تعالى لنكون سعداء آمنين في الدنيا , ثم لننعم بجنَّاته وبفضله في الحياة الآخرة , لا ليشقينا في الدنيا ثمَّ يعذبنا في الآخرة , ننزه الله تعالى عن ذلك . ولهذا كله ينبغي على المسلم أن ينتسب لمدرسة الإيمان و التربية الروحية , و يصحب أساتذتنا ليشرفوا على تربية قلبه , و بهذا ينجو من موارد الشك و الشبهة التي قد توقعه في الخطأ من حيث لا يدري , ويصبح طريقه آمناً فيمضي فيه مسرع الخطأ قاصداً رضوان الله سبحانه وتعالى , و إذا ما تعرض لذلة قدم في مسيرته , فأصاب شيئاً من الذنوب . و تلظَّى بنار الندم على اقترافها , أقبل نحو شجرة التوبة و جعل يستظل بظلالها الوارفة ثم يتابع مسيرته .
و الحمد لله رب العالمين
أبو غانم / غازي صبحي آق بيق
|