واحة الفكر والثقافة
>>
مقالات
دعوية :
تابع التربية الروحية في الإسلام :
التوبة وسعة المغفرة الإلهية : 1
قال تعالى (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) الأنعام54
إن جاءكم الذين يؤمنون بالله الواحد الأحد , وبتعاليمه وآياته في خلقه و إبداعه , فقولوا لهم سلام عليكم , السرور و الطمأنينة و السعادة لكم في أحضان الإسلام , و الرحمة منحة لكم من الرحمن الرحيم , فما أنتم إلا بشر متحدرون من آدم عليه السلام و كلّ بني آدم خطّاء , و خير الخاطئين التوابون المصلحون .
إنه خطاب كريم من رب كريم لرسول كريم , لكنه يشمل كل مسلم في كل حين و قد استعملت الآية الكريمة كلمة ( سلام ) لما فيها من دلالة على الأمن و الرضا و الطمأنينة,التي يتوخاها كل إنسان يعيش على ظهر هذا الكوكب,و لأن السلام اسم من أسماء الله الحسنى,وصفة من صفاته.ومع السلام أنت الرحمة التي كتبها تعالى على ذاته القدسية,كرما منه وتفضلا ومنة.وقد ورد في الصحيحين عن الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لما قضى الله على الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي علبت غضبي )وقد قضى الله عندما خلق الإنسان أ، جعله مخلوقاً مشرفاً بالتكليف , و لم يكلِّفه الكمال , لأن التكليف به تكليف بما لا يطيق ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) البقرة 286 .
وإنما كلفه أن يستعين بربه ليتغلب على وسوسة الشيطان , وأن يتطهر من الدنس كلما تورط في الإثم وأن يرتقي في مدارج الاستقامة , ويبتعد عن مسالك الخطيئة , التي لا عصمة له من ارتكابها , ولكنه مأمور بالرجوع عنها ليخرج من دائرة الشر و الأشرار , و يدخل في زمرة الأخيار الذين قال في حقهم صلى الله عليه وسلم ( كل ابن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون ) رواه الترمذي وابن ماجه و الحاكم وأنس رضي الله عنه .
فهذا القول تفسير لطبيعة البشر فكما أخطأ أبوهم آدم فكل واحد منهم معرض للخطأ فإما أن يسرع بالتوبة ويتوب , فيتوب الله تعالى عليه كما تاب على سيدنا آدم , وإما أن يستكبر عن التوبة فيحرم الرحمة الله ورضوانه كما حرم منها إبليس الذي أصر على ذنبه واستكبر .
فالتوبة هي صلة مباشرة بالله , ويقظة روحية و استشعار بالانحراف , و العمل على العودة إلى الصراط المستقيم و الثبات عليه . أما الإصرار على الإثم و التمادي فيه , فهو مظهر للفراغ الروحي المتولد عن موت الإحساس و الضمير عند من يرتكبونه لذلك فهم قلما يشعرون بالإثم الباعث على الندم , ولهذا كان الإصرار على الذنب من صفات المنافقين , قال تعالى ( إنهم كانوا قبل ذلك مترفين و كانوا يصرون على الحنث العظيم ) الواقعة 46
وقد فتح الله تعالى باب التوبة على مصراعيه أمام عباده , فقد روى مسلم و النسائي عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار و يبسط يدع في النهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) .
و الحمد لله رب العالمين
أبو غانم / غازي صبحي آق بيق |