واحة الفكر والثقافة
>>
مقالات
دعوية :
رعاية الإسلام للروابط الإجتماعية :
بر الوالدين 2( ولاتنهرهما )
إن أول مرتبة من مراتب برا لوالدين ألا يظهر من الولد ما يدلُّ على الضجر أو التأفف من والديه , فقد قال تعالى : ( ولا تنعرهما ) أي لاتصدر منكم مايسيء إليهما . والفرق بين النهي عن التأفف والنهي عن الإنتهار أن الأول للمنع من إظهار الضجر بالقليل أو الكثير , و الثاني للمنع من إظهار الضجر المخالفة في القول , بالرد أو التَّكذيب , وقد ورد في الأثر : ( لو علم الله شيئاً عن العقوق أدنى من أُفٍ لحرمه ) .
إن الإسلام يدفع الإبن إلى مرتبة أعظم تكريماً , وأكثر إيجابية بأن يكون كلامه مع والديه ليناً مفهماً بالإكبار و الإحترام , معرباً عن حبه امتنانه . ثمَّ إنه يرقى درجة أعلى فيصل به إلى الرحمة , التي ترق وتلطف حتى لكأنها الذل , الذي لايرفع عينا ولا يرفض أمراً مشروعاً , وكاأن للذل جناحاً يخفضه إيذناً بالسلام والإستسلام . أخرج البيهقي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( مامن ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة , إلا كتب الله له بكلِّ نظرة حجة مبرورة قالوا : وإن نظر كلَّ يوم مئة مرة ؟ قال نعم والله أكبر وأطيب ) .
والآيات تعود بالإنسان إلى مرحلة طفولته الضعيفة حيث رعاه والداه خلالها أحسن رعاية , فإذا أصبحا مسنين واعتراهما الضعف والحاجة إلى الرعاية والحنان , فإن الإسلام يهيب بالإبن أن يتوجه إلى حضرة الله تعالى من خلال رعايتها , طالباً منه تعالى أن يشملها برحمة الواسعة .
أما من قصر في حقهما عن جهل , فقد ترك الله عزَّ وجلَّ له باب المغفرة مفتوحاً للتوبة والإنابة ليكون في عداد الأوابين الذيتن يسارعون إلى ربهم مستغفرين منيبين ؛ كلما زلت بهم القدم . فمن قصر في حقِّ من حقوق أبويه فليعلن توبته و ليستدرك تقصيره تجاههم ولو بعد موتهما , وليسرع إلى ربه نادماً مستغفراً عليغفر له إنه غفور رحيم .
أخرج أحمد و البخاري وأبو داوود وأبن ماجه أن رجلاً قال : ( يالرسول الله , هل بقي علي من برِّ أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به ؟ قال نعم الصلاة عليهما والإستغفار لهما , وإنفاذ عهدهما من بعدهما , وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما , وإكرام صديقهما ) . وأخرج الحاكم و الذهبي والبيهقي والطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كلُّ الذنوب يؤخر الله منها مايشاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين , فإنه يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات ) .
والأبناء ملزمون ببرِّ الوالدين وإن كانا غير مسلمين .
والحمد لله رب العالمين
غازي صبحي آق بيق / أبو غانم
|