واحة الفكر
والثقافة
>>
دراسات قرآنية :
رعاية الإسلام للروابط الاجتماعية
مكانة المرأة في الإسلام 1
قال الله تعالى : ((وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ )) [النحل/58، 59] .
لو نظر الوالد إل إبنته الوليدة يعين البصيرة والتدبر لرأى فيهما وجه أمه التي احتضنته وأحسنت إليه , ورأى فيها أم المستقبل , التي في حجرها يستمر النوع البشري و يتواصل , ولشعر بالسرور الغامر , لأنه يمكنه من خلال أبنته أن يتابع رسالة البناء والإعمار بحسن تربيتها و تزويدها بالعلوم و الفضائل .
وقد درج المجتمع القديم بأسره , بما في ذلك اليونان و الرومان , على إهانة المرأة , فَعَدَّها بهضهم مخلوقة من نسل الشيطان الرجيم , وعدَّها بعضهم الآخر خادمة الرجل السيد وجارية عنده ,
وكانت بعض القبائل العربية في المجتمع الجاهلي تئد البنات , فيدفن الأب ابنته عقب ولادتها خشية العار .
فجاء الإسلام ليردَّ لها كرامتها , ويبدل ظلمة قلوب الناس إلى نور وضَّاء , ويحيل قسوتهم تجاهه رحمة ؛ فهذا كتاب الله يأتي بالقول الفصل في قضية الدفاع عنها , ويغوص في أعماق العالم الداخلي للإنسان الجاهلي ليشعر ه بالخجل من فعلته , ويرصد حركاته الداخلية والخارجية رصداً دقيقاً , ويضعه أمام معمل الرحم , وكيف تتطور النطفة المهينة ( التي هي أصلاً سب الذكورة والأنوثة ) ويهزّ ضميره الإنساني , محفزاً إياه لإحترام بذرة الحياة وهي تصنع في هذا المعمل العظيم , وتحمله على حسن استقبالها حين تخرج إلى النور , راضياً بعطاء الله تعالى له , وبعيداً عن التهم و الكآبه .
وقد حث الرسول الكريم عيه أفضل الصلاة وأتم التسليم على ذلك بقوله ( من ابتلي من هذةه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار ) رواه مسلم .
وأخرج أبو نعيم الحافظ من حديث الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من كانت له بنت فأدبها فأحسن أدبها , و علَّمها فأحسن تعليمها , وأسبغ عليها من نعم الله التي أسبغ عليه كانت له ستراً وحجاباً من النار ) .
والسؤال الذي يطرح ذاته هو : هل تعيش المرأة اليوم في عصر العلم , حياة أفضل من تلك التي كانت مثيلاتها تعيشها في العصر الجاهلي ؟ الجواب : لا .
فما زالت عقدة رعاية الأنثى تلاحق بعض الأدباء , وكأنها آفة , فمتى ينفض هؤلاء عن عقولهم رواسب الجهل , ويعودون إلى القرآن العظيم ليستقوا منه نور الإسلام ويؤمنوا أن الحياة هي هبة الله المقدَّسة التي علينا أن نصونها وفق قوانين الله تعالى و مشيئته , وأن نكرِّم مخلوقاته وفق مايرضيه عنا , ليبقى للحياة ديمومة مع العزة و الكرامة ؟ .
والحمد لله رب العالمين
غازي صبحي آق بيق/ أبو غانم |