واحة الفكر والثقافة
>>
مقالات
دعوية :
تابع التربية الروحية في الإسلام
التوبة وسعة المغفرة الإلهية:6
قال الله تعالى :(ويا قوم لا يقتصر على العبادة وأداء المناسك ,بل يتسع ليشمل كل عمل مفيد ومثمر يؤديه لمجتمعه ,ومها بلغت استغفروا ربّكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراَ ويرزقكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين) "هود آية 52"
هنالك علاقة مؤكدة ولكن غير منظورة أو ملموسة ظاهرياً بين عمل الإنسان ورحمة السماء,وعمل المؤمن حسناته واتسعت ,فإن رحمة الله أوسع وأجل وأعظم وهو محتاج إليها ,والحس الروحي الإيماني هو أساس المعوّل عليه للشعور بهذه الحاجة.
وان مما لا شك فيه أن القلوب الطاهرة الزّكية المزكّاة ,المستغفرة المنيبة ,تشدُّ إليها العطاء الإلهي والخير والبركة من السماء,وكلّما كان الاستغفار جاداَ والتوبة حقيقية,كلّما انهمرت بركات السماء على الإنسان بأنواع وفيرة وأشكال مختلفة.
وهذا العطاء يزيد الإنسان قوّة وينزله مكانة عالية ,لا سيّما إذا سخّر هذا العطاء لمصلحة الكلِّ دون أنانية أو مطامع شخصية.
والآية الكريمة هذه ترسي أسس الحياة السليمة على الأرض ,فإذا أراد الإنسان أن يستزيد من الخير والنّجاح والفلاح,في دنياه وآخرته,فعلية بالاستغفار المقرون بالتّوبة النصوح ,والندم على ما اقترف , مما يؤهِّله لمحو خطاياه ,ويقرِّبه من مولاه ,ويفتح عليه أبواب خيرات الأرض والسماء.
روي أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع ,فقيل له:ما رأيناك استسقيت؟ قال لقد طلبت المطر بمخاديج السماء التي يستنزل بها المطر ,ثمّ قرأ:(ويا قوم استغفروا ربكم..).
وهناك علاقة وثيقة بين الاستغفار و القوّة ,إذ إن القلب النظيف والعمل الصالح يزيدان المؤمن قوة وصحة في الجسم ,بالاعتدال والاقتصار على الطّيبات من الرزق ,ويمنحانه راحة الضمير ,وهدوء النفس ,والاطمئنان إلى عدل الله تعالى ,والثّقة برحمته ,ويزيدانه قوّة ليعمل وينتج ويؤدي تكاليف الخلافة في الأرض .
كما أن القلوب المستغفرة تتّحد مع بعضها بعضاَ في حبّ إيماني وصفاء ربّاني يزيل الضغائن , وينمي أواصر التعاون والتباذل ,ليصبح المجتمع قوياَ متماسكاَ تجاه الشِّر وأعوانه .وقد تتوافر القوة لمن لا يحكمون شريعة الله تعالى,ولكنّها قوة آنية سرعان ما تتحطم وتعود عليهم بالوبال والخسران ,لأنها لا تسند إلى أساس متن من الإيمان والخير .
والحمد لله رب العالمين
أبو غانم /غازي صبحي آق بيق
|